في مسيرةِ الدنيا يهبنا الخالق آلاءً عديدة ، يلهي حجمها الأيام وتنسينا كرم الرحمن ، ولكن يبقى البعض يذكرها ، كان فاقداً لها او زائداً في الإيمان ..
يفقد البعضُ منا حواسً وقدرات تملأ تفاصيل ايامنا ..
يناديها البعض " إعاقه" و نرى في وجودهم "إفاقه" !
هم فقدو البصر وفقدنا نحن - الأصحاء -البصيره ، هم فقدوا السمع وفقدنا نحن حس الحمد والشكر ، هم فقدوا قوة الأطراف وفقدنا نحن قوة الروح والإصرار ..
في سبيل الحرف السابق أرى مثالاً يصعب على حرفي وصف عزمه ، علم من حوله الكثير وأمدنا بخلقه دروساً تظل تُذكر ..
كل ذلك كان مجداً بروحه أنتجه ضعفٌ بأرجله ..
صاح بأول ايامه بالدنيا مصاباً ب"شلل الأطفال" ، ولكن إزداد إيمانه وفاض حبه للعلم بذلك ،
كان يحمل الكتب بيده جاراً أطارفه السفلى بالأرض ، كافح حتى تخرج من الجامعه بأعلى من من كان حوله من الأصحاء وايضاً كان ولا يزال مطلعاً جيداً بفقة المالكية حتى أطلق من حوله عليه مسمى "شيخ"
لم اره يوماً يزور جدتي وجدي(رحمه الله) من غير كتبٍ يتصفحها بيده ،
خُلُقه كان اعلى من ان يرى أحداً سوءً صغيراً منه .
يختلف النقاش وتزادا حدته ويظل هو الأوسط ،الأول في تهدئة المواضيع الأسلم و الأكثر تقبلاً في طرحها ..
ورغم شللٍ كان بقدماه ، إلا أن جدتي لا ترى باراً من ابنائها مثله ، حمل جدي (رحمه الله) برمش عينه قبل ان يحمله بيديه ذهاباً وعودة بين كآبة المستشفيات ..
أنجب من الأبناء خمسه ولعل ربعاً من احدهم يعطي ذرةً من عطاياه لأبواه ولمن حوله ..
أقولها متيقنةً لن أرى عزماً وخلقاً بروحٍ من حولي مثله ، علّمنا ولايزال من حديث صغير معه يهبنا من معانيِ الخير الكثير .
حفظ الرحمن عماً "صالحاً" إسماً ومعنى وأعطاه الكريم من عبق روحه الكثير ..